تصاعد الغليان الشعبي في إيران: الاحتجاجات تمتدّ وسط انهيار اقتصادي وفساد منهجي

تصاعد الغليان الشعبي في إيران: الاحتجاجات تمتدّ وسط انهيار اقتصادي وفساد منهجي
تشهد المدن الإيرانية موجًا جديدًا من الاحتجاجات الشعبية مع بداية العام الإيراني الجديد، في ظلّ تدهور معيشي خطير وفساد مستشري داخل مؤسّسات النظام. خلال يومي 25 و26 مارس، اندلعت سلسلة من التحركات الاحتجاجية في عدّة محافظات، أبرزها أصفهان، كرمان، طهران وخوزستان، حيث عبّر المواطنون عن غضبهم من سياسات الإفقار والتهميش التي يتّبعها النظام الإيراني.
في أصفهان، نظّم مزارعون محرومون من مياه الريّ وقفة أمام دائرة المياه الإقليمية، مطالبين بحصصهم المائية التي حُرموا منها بسبب سوء إدارة الموارد ونهبها من قبل الجهات المتنفّذة. وقد جاء هذا التحرّك في وقت يعاني فيه نهر زايندهرود، أحد أهم الأنهار في وسط إيران، من جفاف شبه كامل في أجزاء واسعة من مجراه، نتيجة لانخفاض معدلات الأمطار، وسوء التخطيط، وتحويل المياه إلى مناطق أخرى لصالح مشاريع حكومية.
عبّر المحتجّون عن غضبهم العميق بكلمات مؤثّرة، حيث قال أحدهم:”لم يعد هناك ما يمكن أن يوقفنا. نحن لا نطالب إلا بحقّنا… نحن نريد الماء فقط. من العجيب أن يُسرق ماءنا ويُنقل إلى مناطق أخرى، ثم يُطلب منّا ألّا نحتجّ! كيف يمكننا أن نصمت على هذا الظلم؟ نحن أحياء، ولسنا أمواتًا!”
وقال آخر:”لقد سرقوا حقنا، وأخفوه في الأنابيب، والآن يريدون منّا أن نجلس في بيوتنا ونموت بصمت! لكننا لن نستسلم، وسندافع عن حقوقنا حتى آخر رمق، ولو كلّفنا ذلك حياتنا.”
وقد حذّر المزارعون من أنّ استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى كارثة زراعية تهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
في مدينة خاتونآباد بمحافظة كرمان، احتجّ عشرات العمّال على عدم دفع أجورهم لعدة أشهر في مشروع “خاتونآباد”، في حين نُظّمت وقفة في طهران أمام سجن إيفين رفضًا لأحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين، ضمن حملة «ثلاثاء لا للإعدام». كذلك خرج عمّال قصب السكر في هفتتپه إلى الشارع، بعد أن تمّ الاستغناء عنهم نتيجة إدخال الآلات الجديدة، دون أي تعويض أو بديل عمل.
تتزامن هذه التحركات مع انهيار قياسي للعملة الوطنية، حيث تخطّى الدولار حاجز 103 آلاف تومان، ما أدّى إلى موجة غلاء غير مسبوقة. هذه الأزمة ليست فقط نتيجة العقوبات، بل هي ثمرة مباشرة لسياسات النظام الفاسدة، الذي يواصل تمويل ميليشياته الخارجية، ويتدخّل في شؤون الدول الأخرى، في حين يُترك الشعب الإيراني في الجوع والبطالة والتشرّد.
كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ إيران تقف على عتبة انتفاضة شعبية جديدة. شعب جائع، ونظام فاسد، واقتصاد منهار، وقمع بلا هوادة… كلها عوامل تنذر بانفجار اجتماعي واسع النطاق في العام الإيراني الجديد، ما لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة من الظلم المنظّم.
